مبتكر "الفن الدبلوماسي" الحرفي بن أحمد بوزيان لـ"البلاد" السياح الأجانب يعرفون تراث ومتاحف الجزائريين أحسن منهم
05/03/2014 - 23:05
- صممت مشروع "طاولة لكل عائلة مغاربية" لتوحيد شعوب المنطقة
- تحفة البيت المغاربي أهم أعمالي.. وهي موجودة في رئاسة الجمهورية
يعتقد الحرفي الفنان بن أحمد بوزيان أن الصناعة التقليدية في الجزائر، لا تلقى ذلك الاهتمام التي تناله من قبل الأجانب، وينظر إلى الحرفي عندنا، على أنه "شيء ناقص" وليس فنانا. ويقول في هذا الحوار، عن "الفن الدبلوماسي" الذي ابتكره، هو أحسن وسيلة للتواصل بين مسؤولي مختلف الدول عوض الرسائل والبرقيات".
- ما طبيعة مشروع "طاولة لكل عائلة مغاربية" الذي تحضر له؟
نعم.. سميته "طاولة لكل عائلة مغاربية"، وهي طاولة من الخشب الرفيع تأخذ شكل مضلع خماسي، في كل واحد ينحت علم دولة مغاربية كتونس والجزائر والمغرب"، وأتصور أن هذا المشروع يجمع بين الشعوب ودول المنطقة.. وهذا نموذج بسيط من "الفن الدبلوماسي" الذي ابتكرته سنة 1998.. ورغم أنني عصامي، إلا أن لي موهبة.. والموهبة بطبيعة الحال لا تكفي حسب تجربتي، حيث تستطيع تطويرها بالإرادة والصبر.
- لكن ما جدوى هذا "الفن الدبلوماسي" كما تسميه؟
الدبلوماسية موجودة منذ عصور قديمة، لكن لا يوجد سند لها، فمثلا، لا يكفي أن يبعث مسؤول في دولة معينة برسالة أو برقية إلى نظيره في دولة ما، ليهنئه بهذه المناسبة أو تلك أو يكتب له رسالة شكر.. وعوض ذلك، تصورت أن يقدم له هدية في شكل منحوتة فنية توضع في المتحف أو قصر الرئاسة أو مجلس الوزراء.. ومن هنا، فكرت في مشروع "طاولة لكل عائلة مغاربية".
- أنت تقيم وتشتغل في تونس.. صحيح؟
نعم أنا حاليا مقيم في تونس ولدي ورشة معتمدة هناك منذ سنة 2010.. وفضلت أن يخرج هذا المشروع من الجزائريين.
- لماذا ذهبت إلى تونس ولم تؤسس ورشتك في الجزائر؟
ذهبت هناك لأن تونس هي مركز الحرف التقليدية وتعتبرها العمود الفقري للسياحة.. وأنت تعلم سمعة السياحة في تونس.. وأقول لك هنا، لا يهم البلد الذي أنت تبدع وتعمل فيه، فمهما كانت الدولة التي توجد فيها، عليك أن تكون سفيرا لبلدك. أخبرك أيضا أن لي مشروعا آخر، وهو "طاولة لكل عائلة مغاربية ومتوسطية"، وهي تتكون من عشرة أضلاع، الخمسة الأولى منحوتة بأعلام بلدان المغرب العربي، والمتبقية، بأعلام دول الضفة الأخرى، أي أوروبا، بمعنى "مجموعة 5+5".
- ألا تعتقد أن مثل هذه المشاريع تحتاج دعما ضخما.. ماهي مصادر تمويلك؟
مثل هذه المنحوتات في مشاريع فنية وتجارية تهم المجتمع.. المهم قبل كل شيء، هي الفكرة، ونستطيع تمويل أنفسنا بأنفسنا.. الفكرة هي التي تكلف.. ونموذج أول طاولة تكون تحت رعاية وزارة الخارجية التونسية وسفارة الجزائر بتونس بصفتهم هيئات دبلوماسية.. اتصلت بهم بخصوص هذا الأمر لنيل الرعاية.. بمعنى آخر، أن مهمتهم الترويج للفن الدبلوماسي في الفنادق وغيرها.
- ماهي أهم الأعمال والتحف التي أنجزتها؟
سنة 1995 أنجزت "تحفة البيت المغاربي" التي أهديناها لرئاسة الجمهورية الجزائرية وهي لا تزال موجودة هناك.. وطبعا سنة 95، في عهد الرئيس اليامين زروال، كانت الجزائر ترأس اتحاد المغرب العربي.. وهذه التحفة هي عبارة عن خزانة على شكل خريطة الجزائر وطاولتان جانبيتان "المغرب تونس"، وسرير "ليبيا"، وخزانة التجميل "موريتانيا"، واخترنا الجزائر للخزانة لأنها الأكبر مساحة. وفي سنة 2005، أنجزت تحفة الاتحاد الأوروبي وكرموني من طرف هذا الاتحاد، وهي خزانة على شكل خريطة الاتحاد الأوروبي.. شاركت في معارض وطنية وقمت بعدة إنجازات والشيء الجميل أني احتفظت بإرادتي ولم أفشل.
- يقال إن الصناعة التقليدية في الجزائر ليست بخير.. فأغلب الحرف اختفت.. لماذا؟
اختفت لعدة أسباب من بينها مشكل الإدارة.. فرغم أن الدولة قالت إنها ستلغي الضرائب على الحرفيين منذ 10 سنوات، إلا أن ذلك لم يتم بصفة فعلية، والسبب يعود إلى غياب التنسيق بين غرف الصناعات التقليدية وجهاز الضرائب.. وهناك أيضا مشكل التسويق، بالإضافة إلى عدم تكتل الحرفيين في نقابات واتحادات للدفاع عن حقوقهم.
- أنتم حرفيون ولا ينظر إليكم كفنانين.. ما رأيك؟
هذا صحيح تماما.. والسبب يكمن في الذهنيات.. يعني أن المسؤول لما تقول له فنان، يتبادر إلى ذهنه الرسام والمغني والمسرحي وغيرهم، أما الحرفي فينظر إليه على أنه أقل من ذلك بكثير أو حتى أنه "شيء ناقص".. وهذا معيب جدا في بلدنا.. الحرفي لا يستفيد من مزايا الضمان الاجتماعي، ولا يوجد له تأمين.. وما زاد الطين بله، كما يقال، هو انتشار ذهنية الربح السريع لدى كثير من الحرفيين، الأمر الذي زاد وضعهم تعقيدا.
- وزارة الثقافة أعلنت مؤخرا عن اتخاذ إجراءات لتأمين الفنانين.. ما رأيك؟
المفروض أن تشمل هذه الإجراءات والقوانين الحرفيين أيضا، لأنهم فنانون في النهاية.. القضية هي قضية ثقافة مجتمع.
- كيف كان اهتمام المسؤولين الأجانب بك؟
هناك وزراء أجانب استقبلوني في ظرف 24 ساعة، منهم كاتب الدولة للشؤون الخارجية في تونس منذ سنتين، حيث اهتم بأفكاري وأوصلها إلى رئيس الجمهورية منصف المرزوقي واهتم بها وطلبوا مني بخصوص مشروع "التحفة المغاربية" بطاقة تقنية وكم تكاليفها وجاءني الناطق الرسمي لرئاسة الجمهورية لترتيب الأمور، وقد وفروا لي كل الإمكانات لإنجاز المشروع.. لكن في الجزائر، طلبت لقاء أحد الولاة، لكن العاملين معه منعوني حتى استعملت حيلة خاصة للوصول إليه.
- كيف تجد اهتمام السياح الأجانب بالصناعة التقليدية الجزائرية؟
السياح الأجانب يعرفون ثقافتنا أحسن منا.. حتى التونسيين وكثير من الأجانب يعرفون تراثنا وعاداتنا ويعرفون عنا أمورا لا نعرفها نحن الجزائريون.. إنهم يعرفون كل الجزائر ونحن لا، وهذا شيء معيب.