أبناء السطايفية يتمتعون ببحبوحة الأهل وآخرون يُكسون بملابس الشيفون
31/07/2014 - 15:54
استعادت أزقة وسط مدينة سطيف حيويتها بمعروضات للألبسة وحركة ازدحام ليلية للعائلات الزائرة التي تفضل الدخول إلى هذه الزحمة لاقتناء ألبسة العيد من هذه الطاولات بدلا من اللجوء إلى المحلات نظرا لأسعارها المعقولة مقارنة بتلك المتواجدة في المحلات، في وقت عمد أصحاب "الصولد" كما يسمون والذين يرغبون في بيع سلعهم المتبقية بتخفيض أسعارها مخافة من تكدسها، عمدوا إلى اكتساح أرصفة الطرقات والساحات العمومية بطاولاتهم الأمر الذي خلف أزمة مرورية حيث يصعب الدخول إلى بعض الشوارع بالمركبات.
ثياب من كل الأشكال تغص بها محلات الألبسة وزحمة المرور مشهد بات يتكرر كل عام مع قرب الأعياد ولكن اليوم ومع الازدياد الملحوظ في أسعار الملابس الجديدة اضطر البعض تحويل الوجهة إلى أسواق (البالة) لأنها تبقى أرحم من أسعار الثياب الجديدة على حد اعتقادهم.
أسعار جنونية فاقت حدود المعقول مع ضعف القدرة الشرائية
أبدت العديد من العائلات امتعاضها من الأسعار المتداولة التي فاقت حدود المعقول، لاسيما حينما يتعلق الأمر بملابس الأطفال، حيث استغلّ التجّار مناسبة العيد وتهافت العائلات على الملابس لرفع لأسعار، وأكّد هؤلاء أنّ الكبار نادرا ما يلبسون ثوبا جديدا في مثل هذه المناسبات بالنظر إلى غلاء المعيشة. لقد ارتفعت أسعار ملابس العيد بأسواق سطيف بشكل كبير مع اقتراب عيد الفطر الذي يعد موسما للشراء، لتسرق الفرحة من عيون وقلوب الأطفال، مع انضمام أصحاب الدخول المرتفعة إلى صفوف الموظفين الذين يشتكون من ارتفاع الأسعار الذي شهدته مختلف الملابس، حيث ارتفعت بنسبة تتراوح بين 30 و40 % بالرغم من حالة الركود وضعف القدرة الشرائية حيث اشتكى أولياء الأمور من عدم قدرتهم على تلك المصاريف، فرغم أنها خاصة بالأطفال إلا أن ثمنها أكبر والسبب يرجع ـ على حد قول التجار ـ إلى ارتفاع أسعارها في سوق الجملة بالإضافة إلى النقص الكبير فيما يرغبه به الزبائن.
وبشأن الموضوع عبر أحد المواطنين عن تذمره من الارتفاع الجنوني للأسعار، مضيفا أنه أب لخمسة أطفال ولكن ما باليد حيلة فالإمكانيات المادية لا تسمح له بأن يقتني لهم ملابس فاخرة.
من جهته أكد أحد باعة ملابس العيد أن الغلاء الفاحش الذي تشهده هذه السنة ناتج عن تحكم المستوردين في السوق مما يجعلهم إما يرفعون في سعرها أو يخفضونها حسب أسلوب العرض والطلب، مضيفا أن دور الباعة بالتجزئة يقتصر على إيصال السلعة إلى الزبون، كما يبذلون قصارى جهدهم من أجل بيعها بسعر أدنى.
وأضاف أن هناك اختلافا نسبيا بين الأسعار، مشيرا إلى أن الملابس ذات النوعية الراقية تصل دوما إلى الزبون بسعر مرتفع، مما لا يسمح باقتنائها من قبل الجميع ولا سيما ذوو الدخل المحدود خاصة إذا ما بيعت في المحلات بسعر كبير ناهيك عن الأسعار بالنسبة لألبسة الأطفال الذين تتعدى أعمارهم السنة والتي تكون مرتفعة أيضا.
وهنا يتدخل في الحديث عبد الإله قائلا إن الأسعار نار في نار، لافتا إلى أن أصحاب المراكز التسويقية يبالغون كثيرا في أسعار ملابس الأطفال اذ انه فضل الذهاب إلى المراكز التي تبيع بأسعار معقولة لأن رب الأسرة لا يستطيع شراء ملابس العيد بأسعار مرتفعة. من جهته قال محمد عبد الحليم ـ موظف بإحدى الشركات ـ إن أسعار ملابس العيد ارتفعت خاصة ملابس الأطفال، مؤكداً أنه عندما لاحظ ارتفاع الأسعار قرر الفرجة فقط على الفاترينات والمحلات، وأضاف أن بدلة الأطفال تباع بـ 5000 دج وفستان البنات بين 4000 دج فبهذه الأسعار لا يمكنه أن يقتني ألبسة العيد للأولاد.
كما اشتكى كمال، وهو أستاذ، من ارتفاع أسعار الملابس الجاهزة قبيل عيد الفطر وبداية الموسم الدراسي متهما أصحاب المحلات باستغلال حاجة أسرهم لشراء الملابس للأطفال ويضعون هوامش ربح مرتفعة بدعوى تعويض الخسائر.
محلات مفتوحة لساعات متأخرة من الليل وأسعار متفاوتة حسب نوعية الألبسة خاصة بعد أن تزدهر الأسواق السطايفية في آخر يوم من شهر رمضان المبارك بألوان وأنواع مختلفة من الملابس للكبار والصغار وتدخل موضات جديدة مع حلول كل مناسبة عيد حيث تضطر محلات بيع الملابس إلى الإبقاء على أبوابها مفتوحة لفترات متأخرة من الليل للسماح للعائلات بالتسوق خاصة أنها فرصة للتجار والباعة لتسويق وصرف البضاعة المركونة في رفوف محلاتهم، حيث تشهد الأسواق إقبالا منقطع النظير من قبل العائلات السطايفية استعدادا لاستقبال عيد الفطر هذا الضيف الكريم، الذي يحل مرة واحدة كل سنة لاقتناء الألبسة، حيث تستقطب سوق ماليزيا عددا كبيرا من العائلات لشراء ملابس العيد. تقول حنان من عين ولمان إن معظم العائلات تسارع هذه الأيام إلى اقتناء ملابس العيد من هذه السوق لأنها تجد فيها أنواعت مختلفة من الملابس ولها حرية الاختيار، إضافة إلى الأسعار المناسبة مقارنة بالمحلات التي زينت بالموضة وبالماركات والملبوسات العيدية الباهضة الأسعار، بينما اعتمد أصحاب المحلات على تزين محلاتهم بها. وقد وجد المواطن وفرة في السلع لكن أسعارها ملتهبة خاصة لدى المواطنين البسطاء الذين أعيتهم مصاريف الشهر الكريم.
وفي حديثنا مع بعض العائلات، قالت نورة وهي أم لطفل وبنت، إن أسعار الملابس في هذه المحلات هي ضرب من الخيال، لا أستطيع تصور فستان وحذاء طفلة لا تتعدى الـ 5 من عمرها سعره 3 آلاف دج وسروال جينز لطفل عمره 11 سنة وصل إلى 1800 دج، دون الحديث عن حذاء اشتريته لابنتي الكبرى ذات الـ 16 سنة بـ 1300 دج. وقال عزيز إن الأسعار مرتفعة ولا يمكننا نحن "الزوالية" شراء كسوة محترمة لأبنائنا، خاصة أنه أب لـستة أطفال.
ومن جهتهم، أرجع الباعة سبب ارتفاع أسعار الملابس إلى ارتفاعها في سوق الجملة، وأنهم لا يحصلون إلا على هامش ربح قليل، نافين عنهم تهمة "التبزنيس" واستغلال المناسبات التي يطلقها عليهم أغلب الزبائن الوافدين إليهم، في حين اجمع التجار على اختلاف مواقعهم، لكون ندرة المنتوج وغلاء الأسعار لدى تجار الجملة، مبرئين ذمّتهم ممّا يحصل على أرض الواقع، مؤكدين أنّ الأسعار تبقى متفاوتة حسب مصدر الملابس ونوعيتها، حيث يمكن لمختلف العائلات اقتناء ما يناسبها كل على حسب قدرته الشرائية، إلا أنّ العديد من العائلات ترفض اقتناء الملابس الصينية ذات الأسعار المنخفضة بسبب رداءتها، فيما تجد عائلات أخرى نفسها مضطرة لاقتنائها دون غيرها لعدم قدرتها على شراء الأنواع الأخرى.
استغناء العائلات الميسورة عن فكرة الولوج الى المحلات الكبيرة الغالية
كما يخطئ من يعتقد أن الأبناء لا يحسون بذلك، وهو ما يؤكده الآباء الذين يقولون إن أبناءهم يقدمون ملاحظات في هذا الخصوص أغلبها في المحلات والمتاجر وهم يشاهدون أقرانهم من أبناء العائلات الميسورة وهم يقتنون أغلى الثياب، ما يجعل الكثيرين من الأمهات والآباء يستغنون عن فكرة دخول المحلات المعروفة بملابسها الغالية الثمن، لكنهم لا ينجون مع ذلك من نظرات الغيرة المشروعة في عيون أبناء لا يدركون حجم معاناة الأولياء في توفير الأفضل لهم، في ظل غلاء المعيشة التي تكون قد أنهكتهم في الشهر الفضيل، وكلهم على علم بأن هناك مشقة الدخول المدرسي التي ستلي ما قبلها من مشقة فيضطرون للاقتصاد في ملابس الأبناء الذين قد لا يتفهمون الأمر.
وإن لم يبدُ ذلك بنبرة حادة لصغر سنهم إلا أن الأمر يظهر على ملامحهم، وهو أكثر ما يحز في النفس على حد تعبير عمار حارس بإحدى المدارس الابتدائية بعين ولمان، الذي يقول إنه يأمل في توفير الأفضل لأبنائه إلا أنه غير قادر على ذلك، شأنه شأن الكثير من الأولياء من الطبقة المتوسطة الذين يحصون أكثر من ابن في العائلة على عكس عائلات أخرى يتسابق أفرادها لشراء أكثر من كسوة لابن أو ابنة مدللة، لاسيما إن كان الصغير بكرا وليس في العائلة سواه، فترى الأب وحتى الخال والعم يتسابقون على تدليل هذا الصغير.. في وقت كان بالإمكان كسوة غيره من أبناء العائلات المحتاجة أواليتامى وغيرهم كثير ممن لا يحظون بفرصة لبس كسوة جديدة في يوم عيد.
وعائلات تتباهى بشراء اخر موضة دون مراعاة الاسعار
العيد يعني في المقام الأول فرحة الأطفال به واستعدادهم الخاص له من بشراء ملابس جديدة يتباهون بها ويستعرضونها والفرحة تكاد تقفز من أعينهم لتمس قلوب الآباء والأمهات. لذلك ليس غريبا أن تحرص الأمهات، وكذلك الآباء، على شراء ملابس أطفالهم قبل أي شيء آخر، بما يتناسب مع الموضة الحديثة، إذ ليس من المعقول أن يبدو ابن الجيران في ملابس أفضل وآخر موضة مقارنة بالابن أو الابنة. وهذا يعني عدم توقفهم عند بعض التفاصيل مثل الميزانية والأسعار أو العملية. بيد أنه من المهم جدا الأخذ بعين الاعتبار عند التسوق، شراء ملابس تدوم طوال السنة ويمكن الاستفادة منها قدر الإمكان، أي أن تتوفر على عنصري العملي والراحة عوضا عن أن تكون مزخرفة ومنمقة بشكل لا يتناسب مع الأيام العادية وأيام الإجازات.
فهذه العائلات تكون وجهتها نحو أسواق 1014 طانجة ودلاس، رغم الغلاء الفاحش الذي تعرفه مختلف الألبسة، فيما اتجه العديد من السكان من ذوي الدخل المتوسط والمحدود إلى السوق االيومي المعروف باسم "ماليزيا" الذي يتميز بأسعار أقل ولو كانت الجودة فيه قليلة دون غياب بعض المحلات التي تعرف ببيع الألبسة التركية والتي تسدل ستارها في ساعات متأخرة من الليل، حيث يقول زهير ومحمد، وهما بائعان في أحد محلات "1014"، إن الحركة تزداد يوما بعد يوم مع اقتراب عيد الفطر في محلات ملابس الأطفال ومواد التجميل أيضا التي تتهافت عليها الفتيات، وقد ساعد فصل الصيف على كثافة الحركة ليلا على حساب النهار بسبب درجات الحرارة المرتفعة نهارا، وكذا انشغال النساء بإعداد مائدة الفطور ومختلف الحلويات، لاسيما مع اقتراب عيد الفطر المبارك الذي عادة ما يستقبل بالمقروط والنقاش والبقلاوة ومختلف الحلويات الأخرى.