أطراف مجهولة "متهمة" بحرق 4 ملايين هكتار من الغابات
25/06/2014 - 22:07
يعود الحديث عن "مارد" النيران المجهولة المصدر، التي عرضت غابات باتنة خلال الصيف الماضي والسنوات الأخيرة لهزات عنيفة وخسائر غير مسبوقة في المساحات الخضراء ترجمتها تقارير من مصالح حماية الغابات والحماية المدنية تحمل أرقاما متصاعدة تخص المساحات التي التهمتها النيران بما فيها الحشائش والأحراش والأشجار النادرة من البلوط والصنوبر الحلبي وحتى الأشجار المثمرة في بعض المناطق. وقد كانت الحصيلة الأثقل في الصيف ما قبل الماضي بـ 1141 هكتارا بغابات باتنة، حتى إن الكثير من السكان هجروا منازلهم، فيما وصف المختصون والمهتمون بالبيئة الوضع "بالكارثة الإيكولوجية الحقيقية" التي تتطلب تحركات من أعلى مستوى للوقوف على دوافعها وتحديد المسؤوليات، فيما يعبر المواطنون كل صيف عن مخاوفهم من النيران التي تندلع في الغابات المجاورة، دون أن تحدد التحقيقات مصدرا حقيقيا لها، وتمتد حرارتها العلية إليهم ويجدون صعوبة في التنفس جراء الأدخنة المتصاعدة من الأشجار، حيث أكد المواطنون أن الأمر يعد كارثة لاسيما وفصل الصيف يتزامن هذه السنة مع شهر رمضان المعظم .
مختصون يشيرون إلى "كارثة بيئية" في الـ10 سنوات القادمة
وكانت الاتحادية الوطنية لعمال الغابات والطبيعة والتنمية الريفية المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للعمال الجزائريين قد اجتمعت في دورات طارئة خلال السنتين الأخيرتين، أكدت فيها أن الأمانة التنفيذية تدين بقوة وتستنكر بشدة اللجوء إلى "التدمير" و" التخريب " الكلي للثروة الغابية الوطنية الضعيفة أصلا والعمل على إضعافها والزيادة في هشاشتها، الأمر الذي سيؤدي إلى آثار كارثية وعواقب وخيمة على البيئية والناحية الاجتماعية يتم الشعور بها بوضوح خلال العشر سنوات القادمة. وقد وصفت الاتحادية الحرائق "بالعمليات الإجرامية"، حيث إن هناك من أعوان مكافحة الحرائق والحماية المدنية من فقد حياته وأصيب إصابات بليغة وهو يحاول إخماد ألسنة اللهب.
التحقيقات في مصادر الحرائق "غير جدية"
وقد أكدت الاتحادية في أحد بياناتها أن لديها معلومات مؤكدة عن عمليات إحراق مقصودة ومخطط لها في الزمان والمكان من خلال اختيار أماكن اندلاع الحرائق حتى تمنع التدخلات الأولية لإخمادها، إلى جانب الحرارة الشديدة والظروف الملائمة التي تضمن سرعة الانتشار للحرائق على عدة جبهات، حيث إن الأضرار الناتجة جراء إشعال الحرائق معتبرة جدا، قدرها البيان مئات بآلاف الهكتارات على المستوى الوطني، من الغطاء النباتي وآلاف الأصناف من الحيوانات المصنفة ضمن الحيوانات المحمية بالإضافة إلى آلاف الأشجار المثمرة ومئات الصناديق من النحل وأجزاء معتبرة من الحظائر الوطنية المصنفة كمحميات طبيعية والمتميزة بثرائها وتنوعها البيولوجي مما يؤدي إلى إعلان عن "كارثة إيكولوجية" على مستوى واسع واعتبار الثروة الغابية الوطنية منكوبة ومهددة بالانقراض وغير قابلة للتعويض، وهوما يعني تراجعا في النشاطات الزراعية وحدوث الأمطار الفجائية المصحوبة بالفيضانات وتوحل السدود وتدهور طرق المواصلات فضلا عن استفحال ظاهرة التصحر وإفقار المجمعات الفلاحية والريفية مما سيدفع من جديد إلى ظاهرة النزوح الريفي. وحسب البيان فإن الحرائق تمت بفعل فاعل، وعلى الجهات المعنية القيام بتحقيقات جدية يمكن من خلالها تحديد المسؤوليات لأن الأمر يتعلق بفعل بأفعال تخريبية.
الحرائق تغطي على التهام الملايير من الخزينة العمومية
وفي هذا السياق أكدت الاتحادية أن هناك مجموعة من أصحاب المصالح الضيقة والبزنسة وصفتها بـ "الأيادي السوداء" التي تمثل لها الفضاءات المحروقة فرصة لصالح عمليات اقتصادية وتجارية مربحة، وكذلك محاولة محو آثار لمشاريع غرس باءت بالفشل بعد أن التهمت الملايير من الخزينة العمومية دون نتيجة مما يوضح النهب المنظم والاختلاس للثروة الغابية الوطنية عن طريق الحرق، التعرية، الصيد غير الشرعي والقضاء الممنهج على الثروة الحيوانية المحمية والاستيلاء غير الشرعي على الأراضي الغابية والاستحواذ غير القانوني على المحاجر داخل الغابات وتحويل الأراضي الخضراء إلى مساحات للبناء بتواطؤ الذين يفترض فيهم حماية هذه الثروة من المسؤولين والقائمين عليها، وكذا عدم الفاعلية في إدارة الغابات الضعيفة في مواجهة مختلف الأخطار، حيث يسجل نقص في التجهيزات والقلة العدة والعتاد وتركيز المجهود في تنفيذ البرنامج الوطني للتنمية الريفية الذي له آثار طيبة ومشجعة في الوسط الريفي، على حساب مهامها ذات الأولوية كالوقاية والمحافظة الجدية على حوالي أربعة ملايين هكتار باتت تتراجع بشكل مؤسف من سنة إلى أخرى.