نبيلة بن بولعيد.. نجلة الشهيد مصطفى بن بولعيد لـ"البلاد": جيش التحرير أجّل الإعلان عن استشهاد أبي حتى لا تفشل الثورة
24/03/2014 - 23:35
- مذكرات والدي لم تر النور بسبب اغتيال أخي في "العشرية السوداء"
- بوتفليقة زار أمي قبيل الانتخابات الرئاسية وطلب منها الدعاء له
تكشف نجلة الشهيد مصطفى بن بولعيد، وهي نائب في "البرلمان"، بعضا من أسرار والدها التي حكتها لها والدتها، كما تفصح في هذا الحوار مع "البلاد" عن موقفها من إساءة المجاهد ياسف سعدي لبعض رموز الثورة في تصريحاته الأخيرة، فيما تقف عند أهم سمات والدها الذي بقيت موقعة وفاته حدثا غامضا وقضية يلفها تعتيم كبير ولم يكتبها التاريخ بدقة.
- كنت صغيرة عندما استشهد والدك البطل مصطفى بن بولعيد.. هل تحفظين له بعض الذكريات؟
للأسف، وكما سبق وقلت أنت.. كنت صغيرة جدا.. كان عمري وقتها خمس سنوات.. طفلة لا تزال تلعب.. لا أذكر شيئا سوى ذلك المشهد الذي بلغت فيه أمي خبر استشهاد أبي، يتراءى لي جيدا ذلك المشهد الذي جمع والدتي وزوجة عمي وهو يدخل عليهما حاملا خبر رحيل أخيه مصطفى بن بولعيد، فأجهشت أمي بالبكاء ثم نظرت إلي وقالت لي إن والدي قتل ثم جاءها خبر آخر يقول إن أبي لم يمت بعد وبقيت أمي سنة كاملة لا تعرف إن كان أبي حيا أم ميتا.. كادت تجن.. ولكن ما أعرفه هو أن جيش التحرير وقتها أخّر الإعلان عن خبر استشهاد أبي حتى تنجح الثورة لأنه كان واحدا من قادتها.. عندما كنت صغيرة لم أفهم ما معنى أن يقتل أبي لكنني عندما كبرت عرفت أنه اغتيل في ثورة التحرير.
حدثينا عن صفات الشهيد بن بولعيد التي حكتها لك والدتك..
أخبرتني أمي -رحمة الله عليها - أنه كان قليل الكلام، كثير التحفظ، لا يفشي أسراره ولا يستأمن أحدا عليها ولعل هذه السمة كانت من أهم عوامل نجاح الثورة لأنه كان ينفذ مخططاته في سرية تامة.. كان يشجع على تعلم المرأة.. كان غنيا.. وأعتقد أنني أخذت من صفاته الشجاعة والإقدام دون التفكير في الرجعة.. أنا ابنته الوحيدة من بين ست أولاد وهم على الترتيب، عبد الوهاب وكمال الذي توفي عام 2008، وعبد الحي وخليل الذي مات أيضا منذ خمسة أشهر فقط.. وعبد اللطيف الذي امتهن الطب كما فعل أيضا أخي عبد الحق.
- لا تزال واقعة استشهاد مصطفى بن بولعيد تشغل الكثير من المؤرخين والباحثين بسبب الغموض الذي يحوم حولها وحول من دبر لها.. فهل يشغلكم هذا الأمر أنتم أيضا في العائلة؟
في البداية كنا نسمع أن قائد المنطقة الأولى عجال عجول هو من دبر لاغتيال مصطفى بن بولعيد وحوكم بهذه التهمة، ثم كثرت السيناريوهات حول القضية حتى توصلنا أخيرا إلى قناعة ترك هذا الأمر للتاريخ.. لا نريد أن نعرف كيف مات.. يكفي أنه استشهد من أجل تحرير الوطن ولا ننسى أن الثورة ضمت الكثير من المفارقات، وكما كان فيها مجاهدون ومناضلون؛ كان فيها خونة أيضا.. الحمد لله لأن هدف آبائنا وشهدائنا ومجاهدينا تحقق وهو استرجاع استقلال الجزائر.
- هل فكرتهم في كتابة مذكرات والدكم وتصحيح بعض المغالطات؟
بالفعل.. كان أخي الأكبر عبد الوهاب قد انطلق في تنفيذ هذا المشروع لكنه قتل خلال "العشرية السوداء".. كان هذا في يوم ذكرى استشهاد أبينا ولم تر هذه المذكرات النور.. وقتها قيل لنا إن إرهابيين وضعوا حدا لحياته.
- ولماذا لم يعمل باقي أفراد الأسرة على إتمام المذكرات؟
لا أعرف ولكننا نسينا الموضوع وتركنا هذه المهمة للمؤرخين.. يجب كتابة التاريخ من جديد، وما قمنا به هو تنفيذ وصية والدي رحمة الله عليه الذي طلب من أمي أن تضع علم الجزائر على قبره وتزغرد عشية الاحتفال بعيد استرجاع الاستقلال واستأمنها علينا أيضا وقال لها "اتهلاي في أولادي".
- هل تحتفظون ببعض الصور أو الرسائل لوالدكم الشهيد؟
نعم لدينا ثلاث رسائل كان قد كتبها أبي في سجن قسنطينة بخط جميل وباللغة الفرنسية.. يحتفظ بها أخي، بالإضافة إلى صورة واحدة لأبي وهو في "الحديقة" التي أصبحت اليوم متحفا.
- هل ترين أن الأعمال السينمائية التي تناولت حياة والدك أنصفت شخصيته التاريخية والثورية؟
هي محاولات جميلة لكنها لن تختزل نضالا امتد من سنة 1939 إلى غاية 1945 .. التاريخ وحده قادر على كتابة سير المجاهدين والشهداء والمناضلين.. وأي عمل عنهم يبقى مجرد محاولات.
- ما تعليقك على تصريحات المجاهد ياسف سعدي حول التشكيك في بعض رموز الثورة؟
أعتقد أنه من العيب أن يتحدث مجاهد عن أمثاله وهم شهداء بهذا الشكل خاصة عندما يتعلق الأمر بالعربي بن مهيدي الذي لن أنسى أبدا صرخته وهو ينادي "تحيا الجزائر.. تحيا الجزائر" وكذلك بالنسبة إلى المجاهدة زهرة ظريف بيطاط.. أحمد الله أنه لم يعرف والدي وإلا كان تطاول عليه أيضا.. ما يحدث في الجزائر هو مؤامرة من تدبير فرنسا من أجل تقسيم الجزائر وتحقيق مصالحهم هنا.. لكنني متأكدة من أن الجزائريين بتوحدهم لن يسمحوا بهذا.. دعيني فقط أنوه أنني وأفراد أسرتي مع "العهدة الرابعة" وأن الرئيس المرشح عبد العزيز بوتفليقة زار أمي قبيل العهدة الثالثة وطلب منها أن تدعو له.. نحن نتمنى الأمن للوطن الذي هو أمانة والهدف هو أن يعيش المواطن عيشة حسنة.
اقتباس
كنا نسمع أن قائد المنطقة الأولى عجال عجول هو من دبر لاغتيال مصطفى بن بولعيد وحوكم بهذه التهمة، ثم كثرت السيناريوهات حول القضية حتى توصلنا أخيرا إلى قناعة ترك هذا الأمر للتاريخ.. لا نريد أن نعرف كيف مات..