فرنسا الاستعمارية أدركت خطوة مدارس ابن باديس فسارعت إلى إغلاقها
17/04/2014 - 0:44
الانتخابات الرئاسية "تحجب" الاحتفالات الخاصة بيوم العلم
تعود ذكرى يوم العلم التي تخلد مسيرة رائد الإصلاح الفكري الجزائري الشيخ عبد الحميد بن باديس، مرة أخرى، حيث تطلق دور الثقافة ومختلف المدارس عبر كافة الولايات، احتفاليات خاصة بمنافسة تقفز فيها مقولة العلامة الراحل "شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب". واللافت هذه السنة، هو تسبيق الاحتفالات بالمناسبة، في حين فضلت جمعيات ثقافية على غرار "الجاحظية" تأجيل النشاطات الخاصة بالذكرى إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية المقررة هذا الخميس. وتقتضي دراسة تاريخ العلامة ورائد النهضة الفكرية الحديثة؛ المرور بمحطات هامة طبعت نضاله الفكري والإصلاحي وجعلت منه مفكرا مضيئا ونموذجا فريدا في الإصلاح التربوي، ولعل من بينها ظروف نشأة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين في مرحلة عصيبة سنوات الثلاثينات من القرن الماضي، حيث اقترنت نشأتها باحتفال فرنسا بمئوية استعمارها للجزائر.. ووسط هذه النزعة الاستيطانية، أبصرت الجمعية النور بمدينة قسنطينة، لتنضج الفكرة وتأخذ أبعادا وطنية وتاريخية وإقليمية وعالمية أيضا. ويدرك كل من عاصر الشيخ بن باديس، أنّ موته سببه الإرهاق الشديد جرّاء الجهود التي بذلها في سبيل إنضاج القضية التعليمية الوطنية الأمّ التي تبناها حبا. ولم يفكر بن باديس في أن يبني بيتا، ولا في جمع ثروة، إذ كانت الثروة التي جمعها، خلايا جمعية العلماء وما ترتّب عنها من بناء بيوت العلم والمدارس الحرة وصناعة الرجال تحسبا لمعركة التحرير الكبرى التي أطلّت الفاتح نوفمبر 1954.
وأمام هذا النظام التربوي الذي كان آخذا في الانتشار، كان الجهاز الاستخباراتي الفرنسي يراقب ما يستطيع مراقبته ويغلق ما أمكن إغلاقه، لأنّ الثورة التي بدت تلوح بشائرها، كان الفرنسيون يدركون أنها ستبدأ بفكرة، وإذا ما جرى وأد تلك الفكرة، سيُغلق الباب في وجه أي ثورة. ونشأ الشّيخ ابن باديس في أحضان أسرة متمسكة بالدين والمحافظة على القيام بشعائره، وحرصا على تنشئة أبنائها على أساس تربية إسلامية وتقاليد أصيلة؛ عهد به والده وهو في الخامسة من عمره إلى الشّيخ محمّد بن المداسي أشهر مُقرئي بقسنطينة، فحفظ القرآن وتجويده وعمره لم يتجاوز الثالثة عشرة سنة.. ولما أبدى نجابة في الحفظ وحسن الخلق، قدّمه ليؤم المصلين في صلاة التراويح لمدّة ثلاث سنوات متوالية في الجامع الكبير. ثم تلقى منذ عام 1903 مبادئ العلوم العربيّة والشّرعيّة بجامع "سيدي محمّد النجار" من العالم الشّيخ حمدان الونيسي، وهو من أوائل الشيوخ الذين لهم أثر طيب في حياته.
من ناحية أخرى، يعيد الاحتفال بذكرى "يوم العلم" المصادف للسادس عشر أفريل من كل سنة، الحديث عن موضوع "الفكر الإصلاحي" الذي نادى به مؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين الشيخ عبد الحميد بن باديس من أجل "الحفاظ على الهوية الوطنية والقيم الإسلامية". ووظف العلامة الراحل في الدفاع عن اللغة العربية والإسلام ومبادئه السمحة، كل الأدوات الإعلامية المتوفرة على غرار المساجد والمدارس والنوادي والجرائد التي كانت تصدرها الجمعية كـ"المنتقد" و"الشهاب" و"الشريعة".