فنانو قسنطينة يحنون إلى "العود العربي" الأصيل
11/05/2014 - 0:35
يحن الفنانون القسنطينيون الذي غالبا ما يجتمعون بوسط المدينة على بعد أمتار من الساحة المشهورة "رحبة الصوف"، لـ"العود العربي" العتيق أو عود الشرق الجزائري الذي يعود لآلاف السنين. في هذه المدينة التي تعتبر فيها الموسيقى أحد أفراد العائلة؛ لم تعد هذه الآلة الموسيقية سوى من البقايا التي تعمل الأجيال على نقلها بحب وإجلال. وأوضح بوديدة معمر، وهو أحد العازفين على آلة العود بهذا الحي، أنه "مع رحيل عدة أساتذة وتوجه الفنان القدير أحمد مهدي إلى الخارج في نهاية الثمانينات فإن الفنانين الذين يفتقرون للإمكانيات المالية أصبحوا يقومون بتصليح هذه الآلات المصنوعة بالجزائر أو المستوردة من الخارج". ومن جهته، أكد كراوطو قدور ابن إحدى أقدم عائلات الفنانين القسنطنيين أن "آلات سهلة الاستعمال ومصنوعة في الخارج عوضت العود القديم الذي تعتبر نوعية صوته مذهلة". وصممت هذه الآلة الموسيقية التي اعتبرها المؤرخون عميدة العودين الغربي والشرقي والتي قامت بإدخالها إلى مدينة سيرتا زوجة أغليد ماسينيسا ليكون امتدادا لروح مؤديها. كما أشار مطرب المالوف كمال بودة إلى أن "أبعاد هذه الآلة الموسيقية مرهونة بجسامة وطول أصابع الموسيقار" ويتطلب صنع العود القسنطيني خشب "بيغنون" أو "الأرز"، بالنسبة للوحة و المران بالنسبة لصندوق الإيقاع. وتعود أصول ذا الخشب إلى منطقة الأوراس ومؤخرا الدول الاسكندينافية حيث عرض خلال سنوات حتى يصبح صلبا ومقاوما للمناخ الصحراوي مما يعطيه
نوعية صوتية ومتانة مميزة وبعدها يشرع في ترويض العود من خلال تمرن الموسيقار عليه. وحسب هؤلاء الفنانين فإن "صوت العود لن يكون رنانا إلا بعد 15 سنة". ولا يزال الناس بالمدينة القديمة يتذكرون العازف على العود بلعبجاوي مجدوب الذي بمجرد الانتهاء من صنع العود لم يتردد في تجريب صلابته من خلال العزف عليه. كما أضاف الفنانون أن "هذه الدقة في صنع هذه الآلة أمر مسلم به لأن العازف على العود غالبا ما يكون نجارا وعازفا ومطربا في آن واحد حيث كان الفنان عند نهاية النهار يقضي كل وقته في العزف على هذه الآلة الموسيقية وهو يرتشف قهوة ويتناول سيجارة". واشتهر فنانون في هذا الطابع أمثال محمود لوادفل ورحماني الهادي وجلول وغيرهم مثلما هو الشأن بالنسبة للآلات الموسيقية التي كان يعزف عليها الشيخ رايموند لعريس والشيخ بسطانجي.